أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبدوس الروذباري الهَمَذاني، نسبةً إلى «روذبار» ـ محلة بهمذان 1 معجم البلدان لياقوت الحموي، ج3، ص77. ـ يُعدّ من كبار محدّثي مدينة هَمَذان في القرن الخامس الهجري؛ وقد وصفه المؤرخ الكبير الذهبي بـ«الإمام الجليل المُتْقِن، شيخ همذان»، وبأنه «أكبر أهل همذان، وأعلاهُمْ إسناداً». 2 سير أعلام النبلاء، ج19، ص97.
ولعلّ أول من ترجم لعبدوس هو شيرويه بن شهردار الديلمي (ت 509هـ) في كتابه المفقود طبقات الهَمَذانيّين أو طَبَقات أهل هَمَذان، ويُعرف أيضاً بتاريخ همذان. وقد وصلت إلينا نصوص ترجمته في هذا الكتاب من خلال عدد كبير من مصادر التراجم اللاحقة 3 منها على سبيل المثال: تاريخ الإسلام، ج10، ص651؛ سير أعلام النبلاء، ج19، ص97-98؛ ذيل تاريخ بغداد لابن النجّار، ج1، ص430؛ لسان الميزان لابن حجر العسقلاني، ج5، ص315؛ معجم البلدان، ج3، ص77-78. ، فقد رآه شيرويه وسمع عنه «عامّة ما مرّ له»، ووصفه بأنه «كان صدوقاً مُتقناً فاضلاً، ذا حشمةٍ ونعمةٍ وصيتٍ، حَسَن الخطّ، حُلْوَ المنطق، ذا مكارم». 4 ذيل تاريخ بغداد، ج1، ص430؛ تاريخ الإسلام، ج10، ص651.
وأفاد شيرويه أن عبدوس وُلد سنة 395 هجرية، وكان رئيسَ همذان، ومن بيت الرئاسة، «وكُفّ بصرُه، وصُمَّت أُذُناه في آخر عُمُره». 5 المصدران السابقان. وذكر شيرويه أيضاً أنه زاره قُبَيل وفاته في سنة 489 هجرية، «وكان لا يرى ولا يسمع». 6 لسان الميزان، ج5، ص315. ومات عبدوس في جمادى الآخرة سنة 490 هجرية، وتولّى غسله شيرويه، ودُفن في خانقاهه بروذبار. 7 ذيل تاريخ بغداد، ج1، ص430؛ معجم البلدان، ج3، ص78. وله أولاد وأحفاد كانوا من المحدّثين، منهم ابنه الحسين (ت 492هـ)؛ 8 تاريخ الإسلام، ج10، ص719-720. وحفيده أبو المفاخر المؤيد بن عبد الله بن عبدوس؛ وحفيده الآخر أبو الخطّاب مهدي بن علي بن عبدوس. 9 المنتخب من معجم شيوخ السمعاني، ص763.
ولم يشر أيّ واحد من المؤرخين وأصحاب التراجم إلى وجود مؤلّفات لعبدوس، ولكن ذكر الموفّق بن أحمد الخوارزمي (ت 568هـ) في إسناد روايةٍ له في كتاب مقتل الحسين ـ عليه السلام ـ كتاباً لعبدوس اسمه الفوز بالمطالب في فضائل علي بن أبي طالب. 10 مقتل الحسين (ع)، ص59. واستناداً إلى هذا الإسناد، عرّف بهذا الكتاب المرحوم المحقّق السيد عبد العزيز الطباطبائي ـ رحمه الله ـ وعدّه من مؤلفات أعلام أهل السنة في مناقب الإمام علي ـ عليه السلام ـ. 11 أهل البيت (ع) في المكتبة العربية، ص376.
وهذا الكتاب لم نهتدِ إلى وجود نسخة مخطوطة له، فهو يعدّ إذن من النصوص المفقودة. ولكن أورد الخوارزمي في مقتله عدة روايات أخرى ورد في أسانيدها اسم عبدوس. وقد روى الخوارزمي كل هذه الروايات عن أبي منصور شهردار بن شيرويه الديلمي (483-558هـ)، وهو عن عبدوس. علماً أنه مذكور في هذه الأسانيد بتعابير مختلفة منها: محيي السنّة أبو الفتح عبدوس بن عبد الله الهمذاني، وعبدوس بن عبد الله، وأبو الفتح الهمذاني، والرئيس أبو الفتح، وأبو الفتح، ومحيي السنّة، وغيرها من التعابير.
ويبدو لنا أن كلّ ما يرويه الخوارزمي في مقتله عن شهردار بن شيرويه، وهو عن عبدوس بن عبد الله، هي نقول مروية من كتابه الفوز بالمطالب؛ حيث أن مضامين جميع هذه الروايات تقريباً تتعلّق بفضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ. وعلى هذا، يمكن أن نعدّ هذه المرويات، النصوص المتبقّية من هذا الكتاب.
ومن خلال قراءة مستعجلة لكتاب مقتل الحسين ـ عليه السلام ـ للخوارزمي، استقصينا 23 نقولاً مما نظنّ أنها لكتاب الفوز بالمطالب. فقمنا باستخراج هذه النصوص بقصّها من النسخة الرقمية للكتاب وجمعها في ملف واحد، اعتماداً على النسخة المطبوعة بتحقيق المرحوم الشيخ محمد السّماوي ـ رحمه الله ـ، والمنشورة من قبل دار أنوار الهُدى بمدينة قم سنة 1418 هجرية.
ويبدو أن المطبوع لكتاب مقتل الحسين ـ عليه السلام ـ لا يخلو من تصحيفات ولا سيما في أسماء الأعلام وأنسابهم. نذكر على سبيل المثال أن نسبة «السبائي» أو «النسائي» لعبدوس 12 مقتل الحسين (ع)، ص129 و220. تصحيف لنسبة «التاني»؛ وقد ذكره ابن نقطة (ت 629هـ) بهذه النسبة. 13 إكمال الإكمال لابن نقطة، ج4، ص496. وذكر السمعاني أن التاني هي النسبة إلى التناية، أي الدهقنة؛ «ويُقال لصاحب الضياع والعقار: التاني». 14 الأنساب للسمعاني، ج3، ص13. وهكذا يظهر أن التاني يُعادل الدهقان أو الرئيس، وقد سبق القول أن عبدوس كان رئيس همذان.
وأخيراً، لا ندّعي أننا قمنا بإحصاء جميع مرويات كتاب الفوز بالمطالب، بل نحتمل أن هناك نصوص أخرى للكتاب سيُكشف عنها في ثنايا مصادر التراث الإسلامي المطبوع أو المخطوط. وإنّما قمنا بهذا العمل خدمةً للباحثين وتمهيداً لبحوث ودراسات أخرى في مجال التراث الإسلامي بشكلٍ عام وفيما أُلّف عن أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وفضائلهم بشكلٍ خاص.


۱. معجم البلدان لياقوت الحموي، ج۳، ص۷۷.
۲. سير أعلام النبلاء، ج۱۹، ص۹۷.
۳. منها على سبيل المثال: تاريخ الإسلام، ج۱۰، ص۶۵۱؛ سير أعلام النبلاء، ج۱۹، ص۹۷-۹۸؛ ذيل تاريخ بغداد لابن النجّار، ج۱، ص۴۳۰؛ لسان الميزان لابن حجر العسقلاني، ج۵، ص۳۱۵؛ معجم البلدان، ج۳، ص۷۷-۷۸.
۴. ذيل تاريخ بغداد، ج۱، ص۴۳۰؛ تاريخ الإسلام، ج۱۰، ص۶۵۱.
۵. المصدران السابقان.
۶. لسان الميزان، ج۵، ص۳۱۵.
۷. ذيل تاريخ بغداد، ج۱، ص۴۳۰؛ معجم البلدان، ج۳، ص۷۸.
۸. تاريخ الإسلام، ج۱۰، ص۷۱۹-۷۲۰.
۹. المنتخب من معجم شيوخ السمعاني، ص۷۶۳.
۱۰. مقتل الحسين (ع)، ص۵۹.
۱۱. أهل البيت (ع) في المكتبة العربية، ص۳۷۶.
۱۲. مقتل الحسين (ع)، ص۱۲۹ و۲۲۰.
۱۳. إكمال الإكمال لابن نقطة، ج۴، ص۴۹۶.
۱۴. الأنساب للسمعاني، ج۳، ص۱۳.
شنبه ۲۵ مرداد ۱۳۹۹ ساعت ۱۲:۲۶