يُعَدّ صفي الدين محمد بن معد الموسوي (573-620هـ) من علماء الإمامية في أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع الهجري، حيث ورد اسمه في عدد من طرق الرواية لعلماء الشيعة في القرن السابع الهجري، ومنهم السيد ابن طاووس في عدد من مؤلفاته، كما ترجم له بعض علماء الإمامية المتأخرين.
فقد عرّفه الحر العاملي في أمل الآمل (ج 2، ص 307) بقوله:
السيد صفي الدين أبو جعفر محمد بن معدّ بن علي بن رافع بن أبي الفضائل معدّ بن علي بن حمزة بن أحمد بن حمزة بن علي بن أحمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم عليه السلام: عالم فاضل صالح خيّر محدّث، يروي عن محمد بن محمد بن علي الحمداني القزويني، عن الشيخ منتجب الدين علي بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن بابويه، ويروي العلامة، عن أبيه، عنه، جميع مصنّفاته ومروياته.

وذكره آغا بزرك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة (ج 4 ـ الأنوار الساطعة في المائة السابعة، ص 175، ط دار إحياء التراث العربي)، حيث قال عنه:
محمد بن معدّ بن علي بن رافع بن أبي الفضائل معدّ بن علي بن حمزة بن أحمد بن حمزة بن علي بن أحمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق (ع). وهو صفي الدين أبو جعفر الموسوي من مشايخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر والد العلامة الحلي. يروي عن محمد بن محمد بن علي الحمداني القزويني (ص 171-172) "فهرس منتجب الدين" عن مؤلفه المنتجب. وقد كتب المترجم له نسبه على نسخة من "فهرس منتجب الدين" كما ذكرته. ويروي أيضاً عن علي بن يحيى الخياط (ص 118-119) وعن أحمد بن أبي المظفر محمد بن عبد الله قراءةً عليه في آخر نهار الخميس 8 صفر 616 كما مرّ في "ص 9-10". وصرّح به ابن طاوس في "اليقين" عند روايته عن المترجم له في العشر الأخير من صفر 616 وذكر أن أحمد بن أبي المظفر يروي عن ابن الخشاب النحوي الذي روى عن شيخه ابن خيرون في المحرم 531.

والواقع أن بعض المؤرخين الكبار من أهل السنة كابن الدبيثي والصفدي، سبقوا الحرّ العاملي وآغا بزرك الطهراني في ترجمة صفي الدين الموسوي.
فقد ترجم ابن الدبيثي لصفي الدين بن معد في ذيل تاريخ بغداد (تحقيق بشار عواد معروف، ج 2، ص 132) بما يلي:
محمد بن مَعَدّ بن علي بن رافع العلوي الموسوي، أبو جعفر، من أهل الحلة المزيدية، قدم بغداد واستوطنها، وروى بها الحديث بإجازة سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله، أعزّ الله أنصاره وضاعف اقتداره، وحدّث بمشهد الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام بشيء من مسند أبي عبد الله أحمد بن حنبل، ومن غيره، وهو علويّ خيّرٌ، اشتغل بالعلم والخير، مولده في سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة.

كما ترجم له أيضاً الصفدي في الوافي بالوفيّات (ط دار إحياء التراث العربي، ج 5، ص 29) بما يلي:
أبو جعفر العلوي الشيعي: محمد بن معدّ بن علي بن رافع بن فضائل بن علي بن حمزة بن أحمد بن حمزة أبو جعفر العلوي الموسوي الحلّي من حلّة سيف الدولة صدقة، قدم بغداد واستوطنها وصاهر مؤيد الدين القمي كاتب الإنشاء على أخته، وكان عليه وقار وسكينة، فقيهاً فاضلاً على مذهب الشيعة، عالماً بالكلام على مذهب الإمامية، وله تعبّد وفيه تديّن، أجاز له الإمام الناصر فقُرئ عليه كتاب "روح العارفين" في داره وحضر عنده ابن الأخضر وولده علي وعبد العزيز بن دُلَف الخازن وجماعة كثيرة من أهل العلم وأعيان الناس. مولده في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، ومات في شهر رمضان سنة عشرين وستمائة، وحُمل إلى مشهد الحسين ودُفن هناك.

أما المعلومات التفصيلية عن صفي الدين بن معد فنجدها في "الأصيلي في أنساب الطالبيين" للمؤرخ النسابة ابن الطقطقي الحسني (ت 709 هـ). فقد نقل ترجمة صفي الدين الموسوي عن تاريخ ابن الدبيثي باختلاف عما ورد في المطبوع من هذا التاريخ، ثم نقل عن السيد شرف الدين أبو جعفر محمد بن تمام العبيدلي عن أبيه عن صفي الدين بن معد الموسوي بخطّه حكاية طويلة تبيّن لنا طبيعة علاقته مع الخليفة الناصر لدين الله، ثم تكلّم ابن الطقطقي عن علاقة الأخوّة بين صفي الدين الموسوي وبين نصير الدين الطوسي.
وننقل فيما يلي الأخبار والتفاصيل التي زوّدنا بها ابن الطقطقي (الأصيلي في أنساب الطالبيين، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، صص 166-169) حول صفي الدين الموسوي:
وأما أبو جعفر الفقيه محمد صفي الدين بن معد، فهو فقيه الإمامية في زمانه، أمه زبيدة بنت تمام علويّة عبيدليّة.
قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي في تاريخه: "محمد بن معد بن علي بن رافع الموسوي أبو جعفر، من أهل الحلّة، قدم بغداد واستوطنها، روى بها الحديث بإجازة الإمام الناصر، وحدّث بمشهد الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام بشيء من مسند أحمد بن حنبل، وهو علوي خيّر، اشتغل بالعلم والخبر."
قال: ومما أنشده:
وإن أحق الناس منّي نحلة
عدوّ عدوّي أو صديق صديقي
وُلد على ما ذكره ابن الدبيثي في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
قال ابن الدبيثي: ومات في سنة ..... وصلّي عليه بالنظامية، ودفن بالحائر، قال: ورثاه السيد شمس الدين فخّار بن معد بن فخّار العلوي النسابة بقوله:
أبا جعفر أمّا ثويت فقد ثوى
بمثواك علم الدين والحزم والفهم
سيبكيك حلّ المشكل الصعب حلّه
يشجو ويبكيك البلاغة والعلم
كان الفقيه صفي الدين أو جعفر فقيهاً فاضلاً خيّراً، زاهداً ورعاً، محدّثاً أخبارياً، جامعاً للنسب، اعتكف بجامع الكوفة سنين كثيرة على قدم الخلوة والتجرّد، روى عن آبائه علماً كثيراً، وكتب المليح، وضبط الصحيح، واقتنى الكتب النفيسة.
كان الناصر بن المستضيء يكرمه ويحبّه، وكان مؤيد الدين القمّي الوزير يعظّمه ويحبّه، وكانت بينهما صداقة وودادة، أراد منه الانتقال من الحلّة إلى بغداد، فانتقل، وأفرد له الوزير داراً من دوره بدرب الدوّاب، فسكنها، ولم يزل معروفة به، ويقال: إن القمّي وهبه إياه.
حدّثني السيد شرف الدين أبو جعفر بن محمد بن تمام بن علي بن تمام العبيدلي، وكان سيداً خيّراً منقطعاً، قد طعن في السنّ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني الفقيه صفي الدين محمد بن معدّ رحمه الله، وهذه الحكاية عندي مكتوبة بخطّ الفقيه صفي الدين رحمه الله في كتاب بخطّه، يحتوي على أشياء رواها عن آبائه وأجداده.
قال: "استدعاني الإمام الناصر بأحد أتباع البدريّة الشريفة، فاغتسلت وتأهّبت ومضيت إليه، فرأيته جالساً على مستشرف على دجلة، وليس بين يديه سوى نجاح الشرابي، فاستدناني وأحسن ردّ السلام عليّ. فلما جلستُ قال لي: أظنّك قد ارتعت لاستدعائك في هذا الليل، فقلت: الوثوق بورع أمير المؤمنين والعلم بعدله يمنعان من اعتراض الروع. قال: يا محمد أتدري لم استدعيتك؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين. قال: استدعيتك لكذا وكذا، وعرض عليّ أموراً." هكذا في خطّه رحمه الله.
وأما ابن شبانة فقال: طلبه ليولّيه نيابة، وقال له: طلبتك حتى أجلسك في هذا الرواق، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
قال: "فامتنعت وخضعت في الإعفاء، فألزمني. فحين لم أجد لي بدّاً قلت: يا أمير المؤمنين والله ما أتيت إلا وقد اغتسلت وتأهّبت للموت، ولم أعلم بناتي ولا أهلي بالموضع الذي أُصير إليه، فإن كان في نفس أمير المؤمنين شيء فليفعل ما بدا له. فاصفرّ حينئذٍ وجهه، وقال: يا نجاح عليّ بالكيس الفلاني. فأتى بكيس فيه كتب، ففتحه وأخرج منه كتاباً طويلاً، فدفعه إليّ وقال: اقرأه، فتأمّلته، فإذا هو من بعض علويّة الكوفة، يتضمّن النميمة والسعي بي بما يعلم الله براءتي منه. فلمّا وقفت عليه وفرغت منه، ناولني كتاباً آخر من رجل آخر بذلك المعنى، وما زال يُريني كتاباً بعد كتاب، حتى أتى على كل ما في الكيس. فقلت: يا أمير المؤمنين الله يعلم براءة ساحتي من هذا كلّه، وسلامة نيّتي وحسن طاعتي لإمامي، ولكن الحسد قد يحمل على ما هو أعظم من هذا. فقال: والله أنني أعلم صدقك، وأنك إلى اليوم قد اعتزلت بمسجد الكوفة ثلاث عشرة سنة، وهذه الرقاع تأتيني بما لا يزيدني إلا حسن ظنّي بك، وجميل اعتقادي فيك، وإذا كنت لا تؤثر الدخول فيما أكلّفك، فأنت بالخيار، وأتبع ذلك بكلام جميل بالغ فيه، أحسن الله جزاءه. ثم قال: يا نجاح ارم بهذا الكيس في الماء، فرمى به، ثم قال لي: انصرف راشداً. فدعوت له وانصرفت."
وسمعتُ أن الوزير السعيد نصير الدين الطوسي رحمه الله قال: "إني اجتمعت بالفقيه صفي الدين بن معد وآخيته"، وذلك أن الفقيه صفي الدين رحمه الله سافر إلى العجم في أيام حداثته، واجتمع به هناك. ولما ورد مولانا نصير الدين رحمه الله إلى الحلّة أول مرة، سأل عن مخلّف صفي الدين الفقيه، فقيل له: ليس له سوى بنت، يعني الحاجّة فاطمة زوجة والدي، فقال: هذه بنت أخي، وأرسل إليها سلاماً، وكاتبها برقاع رأيته بخطّه رحمه الله وعندي منها شيء. وكان مولانا نصير الدين رحمه الله قد ظنّ أن أخي الأكبر جلال الدين من هذه الحاجّة وأنها أمّه، فزوّجه ابنته ووقع العقد بمراغة، فلمّا علم بعد ذلك أن أمّه عاميّة وليس من بنت الفقيه ابن معد، سأل طلاقها، فطلّقت، وما زال مولانا يراعينا لهذا السبب، إلى أن انتقل إلى جوار ربّه قدّس الله روحه.

وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن ابن الطقطقي (الأصيلي، ص ۱۶۶) ترجم أيضاً لأخي السيد صفي الدين، وهو أبو الحسن جمال الدين علي بن معد، وذكر أنه جدّه لأمه.
شنبه ۳۱ خرداد ۱۳۹۳ ساعت ۱۴:۳۰