آخرین نوشته ها
آمار بازدید
بازدیدکنندگان تا کنون : ۸۱٫۱۹۵ نفر
بازدیدکنندگان امروز : ۸ نفر
تعداد یادداشت ها : ۳۵
بازدید از این یادداشت : ۱۰٫۶۷۰

پر بازدیدترین یادداشت ها :
يُعدّ ابن الطقطقي، وهو صفي الدين محمد بن علي الحسني العلوي، من أعلام القرن السابع الهجري. فقد ولد سنة 660 بالموصل، وتوفي سنة 709. وكان من نقباء العلويين في العراق في نهايات القرن السابع الهجري. وهو مؤرخ ونسّابة في نفس الوقت، فقد ألف كتابه الفخري في الآداب السلطانية في التاريخ، وألف كتابه الآخر الأصيلي في أنساب الطالبيين في الأنساب.
وللأسف فإن معظم مصادر التراجم تخلو من ترجمة وافية لابن الطقطقي، وهذا ما جعل الزركلي يقول أنه لم يجد مصدراً يعول عليه في ترجمته أو ضبط نسبته، وعلى الرغم من ذلك فقد أورد له في موسوعته "الأعلام" (ج 6، ص 283-284) ترجمة يسيرة كما يلي:
محمد بن علي بن محمد ابن طباطبا العلوي، أبو جعفر، المعروف بابن الطقطقي (660-709 هـ = 1262-1309 م): مؤرخ بحاث ناقد. من أهل الموصل. خلف أباه (سنة 672 هـ) في نقابة العلويين بالحلة والنجف وكربلاء، وتزوج بفارسية من خراسان. وزار مراغة (سنة 696) وعاد إلى الموصل، فألف فيها (سنة 701) كتابه "الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية - ط" وقدمه إلى واليها "فخر الدين عيسى بن إبراهيم". ولعله توفي بها.

ويبدو أن التفاصيل التي ذكرها الزركلي حول حياة ابن الطقطقي، توصّل إليها من خلال مؤلفات ابن الطقطقي نفسه.
أما "الفخري في الآداب السلطانية" فهو الكتاب الأشهر لابن الطقطقي، حيث اكتسب به شهرته كمؤرخ في الأوساط العلمية. وهو تاريخ عام يتناول الدول الإسلامية، بدءاً من دولة الخلفاء الراشدين، ومروراً بالدولة الأموية، وانتهاءً بالدولة العباسية حتى سقوطها. وقد حقّقه المستشرق "هرتويغ درنبرغ" عن نسخة بخط المؤلف ونشره مع مقدمة باللغة الفرنسية في باريس عام 1895 م، ثم نشره محمود توفيق الكتبي في المطبعة الرحمانية في مصر، ثم أعيد طبعه طباعة حديثة من قبل دار صادر في بيروت.
أما "الأصيلي في أنساب الطالبيين" فأقل شهرةً من الكتاب الأول، حتى أن الزركلي لم يذكره في ترجمته لابن الطقطقي كما تقدّم، ومع ذلك يُعتبر هذا الكتاب من المصادر الهامة في معرفة أنساب السادات والعلويين. وقد حقّقه السيد مهدي الرجائي، ونشرته مكتبة آية الله المرعشي النجفي في قم سنة 1418 هجرية، ثم في سنة 1433 هـ / 2012 م كطبعة ثانية.
ويظهر لنا عند ملاحظة فهرس كتاب الأصيلي أنه يشبه في مواضيعه مصادر الأنساب الأخرى، كتهذيب الأنساب للعبيدلي والمجدي لأبي الحسن العمري والفخري للمروزي وعمدة الطالب لابن عنبة.
إذن يتناول "الأصيلي" أنساب العلويين وأعقاب أولاد الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فضلاً عن بعض الطالبيين الآخرين كجعفر الطيّار. إلا أنه يمتاز عن غيرها من مصادر الأنساب بكثرة المعلومات التي تزوّدنا بها حول أنساب وأسر العلويين في المدن العراقية كالحلة والموصل وبغداد وسامراء، ونقبائهم، والواردين منهم إلى العراق، فضلاً عن العلاقات بين العلويين، وروابط القرابة بينهم، وبخاصة في القرنين السادس والسابع الهجريين. كما يُلاحَظ تأثير ابن الطقطقي ـ كمؤرخ ـ على هذا التأليف، حيث يحتوي "الأصيلي" على فوائد تاريخية قلّما نجدها في غیرها من المصادر، ويتضمّن تفاصيل ومعلومات عن بعض الأعلام العلويين الذين عاشوا خلال هذین القرنين، وتُظهر هذه التفاصيل جوانب غير معروفة من حياتهم، يكاد يتفرّد بها "الأصيلي".
وكنا قد نقلنا عن هذا الكتاب، معلومات تفصيلية عن الفقيه الإمامي صفي الدين محمد بن معد الموسوي في مقال سابق نشرناه على مدوّتنا هذه (الفوائد). أما في هذا المقال فنقدم عدداً آخر من الفوائد التاريخية التي يتضمّنها "الأصيلي"، قمنا باستخراجها وتبويبها بشكل موضوعي.

معلومات عن السيد رضي الدين ابن طاووس

لعلّ من أهم الفوائد التاريخية لكتاب الأصيلي، هي التفاصيل التي يذكرها ابن الطقطقي حول السيد رضي الدين ابن طاووس، وربما أهم هذه التفاصيل هي ـ كما سنرى ـ ما يدّعيها ابن الطقطقي حول مشاركة ابن طاووس في التآمر على والد مؤلف الكتاب (أي ابن الطقطقي). وهذا ما جعل محقق الكتاب ـ السيد مهدي الرجائي ـ يعلق على ذلك في هامش الكتاب ويقول:
هذه قضية في واقعة لا نعلم مبدأها ومنتهاها، ومقام السيد الجليل علي بن طاووس قدّس سرّه أجلّ من ذلك، فهو السيد الثقة الزاهد جمال العارفين، صاحب الكرامات والمقامات الباهرة، وعدّ مفاخره ومناقبه لا تحصى، فأمثال هذه التهم لا تليق بشأنه، وساحته بريئة عمّا يوجب النقص لجلالته. (ص 99)

ونضيف أيضاً: أن ما يذكره ابن الطقطقي حول السيد ابن طاووس ـ كما سيمر معنا ـ قد يُشمّ منه تحامل المؤلف على هذا السيد، أو محاولة لتشويه سمعته، وربما يرجع سبب ذلك إلى أن كلا من ابن الطقطقي والسيد ابن طاووس كانا نقيبين للطالبيين في العراق.
والآن لنرى ما كتبه مؤلف "الأصيلي" عن السيد ابن طاووس. فقد ترجم له ترجمة موجزة، وذلك بقوله:
وأما أبو القاسم علي رضي الدين بن موسى بن جعفر، فأمه خديجة بنت ورّام الفقيه الشيخ الزاهد الصالح، وله بنات خيّرات صالحات. وهو السيد الكبير الزاهد، المنقطع عن الناس، ذو التصانيف الكثيرة في الفقه والأدعية والمواعظ والأخبار. كان رفيع الشأن، له جلالة ووجاهة، ونفس كبيرة، وترفّع تامّ، وهمّة عالية، تولّى نقابة الطالبيين في هذه الدولة القاهرة ، ثم كفّت يده آخر. (ص 131-132)

وعند كلامه عن محمد ابن الأمير ـ من أحفاد أمراء مكة ـ ينقل صاحب الأصيلي تفاصيل حادث تآمر بعض العلويين على والده، وهو التآمر الذي یدعي هذا المؤرخ أن للسيد ابن طاووس مشاركة فيه. وتفاصيل الحادث كما يذكرها المؤلف، هي كما يلي:
كان هذا محمد بن الأمير قد سعى بوالدي، واتّفق في السعاية مع علوي يقال له: ابن التقي. فقبض على والدي، وذلك في سنة ثلاث وستّين وستمائة. ثمّ لما وقع الفحص عما ذكره ظهر كذبهما، واُحضرا إلى دار الشاطبية، فاعترفا أن رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس حملهما على ذلك، فسلّما إلى والدي، فعفى عن ابن التقي؛ لأنه كان قد وعده العفو، وقتل محمد الأمير على جسر بغداد، ووالدي واقف على رأسه. ثمّ اُحضر رضي الدين بن طاووس أيضاً، فوقف وشاهد قتله، فصرف وجهه عنه لئلا يشاهده، فقال له بعض الحاضرين: لم تصرف وجهك عنه؟ فوالله ما قتله غيرك، وإن دمه في عنقك. (ص 98-99)

ويذكر عن النسابة ابن المرتضى وهو السيد أبو القاسم علي بن أبي الحسن الرضا بن أبي جعفر محمد ـ من أعقاب الشريف المرتضى ـ أن له كتاب مشجّر في الأنساب سمّاه "ديوان النسب"، جمع فيه مؤلفه الكثير من الأنساب، ثم ينقل عن السيد علي بن أحمد العبيدلي حكاية وصول هذا الكتاب إلى السيد علي بن موسى بن طاووس، وذلك بقوله:
حدّثني السيد الفاضل علي بن أحمد العبيدلي، قال: رأيت الكتاب بالبطائح مع النقيب رضي الدين علي بن علي بن طاووس، ولوصول هذا الكتاب إلى النقيب المذكور حكاية، وهي: أن مصنّفه جمع فيه السمين والغثّ، وأودعه مطاعن كثيرة على عامّة بيوت الطالبيين والعباسيين، ثم بخطّه عليه: إني قد جمعت هذا الكتاب وأودعته أشياء لم أحقّقها، ولا حصلت لي برواية ولا من ثقات، ففيه الصحيح والفاسد، فإن أفقت من هذه المرضة ـ وكان مرض مرضته التي مات فيها ـ هذّبته وأثبتّ الصحيح ونفيت الباطل، وإن أنا متّ فيها، فقد أوصيت إلى فلان وفلان أن يلقياه بدجلة. ثم مات في مرضه تلك (رحمه الله)، فاتّصل الخبر بالسيد رضي الدين علي بن موسى بن طاووس، وكان حريصاً على الكتب، خصوصاً على ما يتضمّن أمثال هذه النكت، فأحضر الأوصياء، وقال لهم: سمعت أنه أوصى إليكم بكتاب وأمركم أن تلقوه في دجلة، فقالوا: هو كذلك، فقال: هذا لا يجوز، وإن فعلتم ذلك ضمنتموه لورثته، فأنا أبذل فيه مائة دينار، ومتى فرّطتم فيه ضمنتموها. فأحضروا له الكتاب عنده. فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه المصطفى (رحمه الله) بإلقائه في دجلة، فلم يفعل المصطفى، ومكث الكتاب إلى أن حضرته الوفاة، فأوصى إلى أخيه النقيب الآن رضي الدين علي، فلم يفعل والكتاب عنده.(ص 178)

ثم يذكر عن العبيدلي المذكور أن الكتاب «هو ثلاث مجلّدات على قالب النصف: مجلّد لبني الحسن، وآخر لبني الحسين، والثالث لباقي بني أبي طالب وبني العباس.» (ص 179)

معلومات حول أمراء مكة

يزوّدنا ابن الطقطقي بمعلومات حول أمراء مكة من العلويين، وطبيعة العلاقات القائمة بينهم سلباً وإيجاباً، يمكن من خلالها معرفة قسمٍ من تاريخهم في القرنين السادس والسابع الهجريين.
فيقول عن عز الدين جمّاز من أحفاد عليّان بن عبد الله الأمير بن أحمد بن علي العمقي بن محمد بن أحمد المسوّر بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنّى: «وكيل وقف مكّة، شابّ أسمر، وزوّجه النقيب الطاهر رضي الدين علي بن علي بن طاووس بأخته.» (ص 93)
ويقول عن إدريس بن قتادة:
فهو أمير مكة، قتله أبو نمي وأخذ الإمارة منه سنة أربع وستمائة، وله بنت يقال لها: السيدة الشمسية. حدّثني نجم الدين حمزة بن ثويّة بن حتيرش العلوي العبيدلي، قال: هذه الشمسيّة بنت إدريس تزوّجها أبو نمي، فوقعت بينها وبينه مشاجرة، فقال لها أبو نمي: كأنك تأملين إذا أنا طلّقتك أن تتزوّجي بمنصور بن الجمّاز أمير المدينة، أو مقبل بن جمّاز، فقالت: والله لا تزوّجت إلا بأحدهما، ثم طلّقها، فعلم مقبل بن جمّاز بذلك، فخطبها فتزوّجه وولدت له. (ص 105-106)

ثم يتابع القول ويقول عن نجم الدين أبي نمي محمد بن الحسن بن علي الأكبر بن قتادة:
وأبو نمي هذا سيّد بني حسن وشيخهم وأميرهم بالحجاز، كريم النفس، عالي الهمّة، يسكن مكّة، قتل إدريس بن قتادة، وأخذ إمارتها منه، وكان شريكه فيها، قد ناهز الثمانين أو كاد يناهزها. (ص 106)

أما سبب قتل أبي نمي لإدريس بن قتادة، كما يقول ابن الطقطقى، هو أن بعض عبيد إدريس بن قتادة قتل أحد أولاد أبي نمي وكان اسمه زيد الأول (تمايزاً عن عز الدين زيد الثاني الوارد إلى العراق من الحجاز)، وفي ذلك يقول أبو نمي:
قتلنا بزيد إدريس في حومة الوغى
والأجواد تقضي في الدخول القوائم
(الأصيلي، ص 106)

ويقول ابن الطقطقي عن زيد الثاني عز الدين وأخيه عبد الله عضد الدين وهما ولدي أبي نمي محمد:
فهو سيّد كبير القدر، ورد من الحجاز إلى العراق في سنة ثمان وتسعين وستمائة، ثم حضر بالحضرة السلطانية، وأنعم عليه بضيعة من بلاد الحلّة أبقاه الله تعالى. وأما عبد الله عضد الدين بن أبي نمي محمد، فقد ورد العراق من الحجاز في سنة 695، وقصد حضرة سلطان العصر ثبّت الله دولته، فأنعم عليه بالمهاجريّة ضيعة جليلة بأعمال الحلّة، ثم جرت بينه وبين بني حسين وبني داود ومخالفيهم فتنة كثيرة بالحلّة، أدّت إلى أن عضد الدين هذا ركب إليهم وصحبته العسكر ونهبهم، فكانت الحسينيّة والداووديّة تنازع حتّى على قرطها وسراويلها. وسمعت وكنت يومئذٍ بالحلّة وذلك في شعبان من سنة ست وتسعين وستمائة أن امرأة حسينية بنت رجل من أعيان بني الحسين سمّيت لي، فكرهت أن أذكر اسمها هاهنا، فيبقى لها ذكراً واصماً، عمد إليها رجل، فنازعها قرطاً معلقاً بأُذنها، فتعسّر عليه تناوله، فقطع شحمة أذنها وأخذ القرط منها، وبئست الفعلة فعل الشريف. ولما انتهى ذلك إلى جمّاز بن شيحة 1 قال عنه محقق الكتاب في هامش الصفحة 108: «هو جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنّا بن حسين بن مهنّا بن داود بن قاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. أمير المدينة ومكّة.» شيخ بني حسين وأميرهم بالحجاز أمير المدينة، جرت بينه وبين أبي نمي فتن، وبنيه وبينه، شرّها باق إلى يومنا هذا. ثم إن عضد الدين رجع إلى الحجاز وأقام بمكة. حدّثني أخوه عز الدين زيد الثاني، قال: إن أبا نمي رحل عن مكة إلى بعض نواحي اليمن، واستخلف على مكة ولده عضد الدين هذا. (ص 107-109)

علاقات العلويين مع الخلفاء العباسيين

يقول ابن الطقطقي عن أبي القاسم الفضل صاحب الباب من أحفاد إسحاق المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام):
وكان أبو القاسم الفضل هذا سيداً فاضلاً، حلبي المولد، موصلي المنشأ، كرخي الدار، ولاه الناصر حجابة باب التوني سنة أربع وستمائة، وعزل سنة ثمان وستمائة، وكان شيخاً جليلاً مهيباً حسن الشيبة، سمع الحديث ورواه، مولده سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بحلب، ومات سنة أربع وعشرين وستمائة، ودفن بمقابر قريش رحمه الله. (ص 216)

ثم يتابع ويقول عن ابنه أبي علي المظفّر شمس الدين:
وكان سيداً جليلاً فاضلاً، شاعراً لسناً مجيداً، سكن الكرخ، ورتّب مقدّم الشعراء في ديوان الخليفة، ثم عزل عنه وسافر، ثم عاد وصنّف كتاباً في نصرة المعرّي، سمّاه صرف المعرّة عن شيخ المعرّة، وقال شعراً كثيراً ودوّن وروى. (ص 216)

وفيما يتعلق بشرف الدين محمد الرسول المراغي أنه:
كان سيداً كبير القدر، رفيع المنزلة، عزيز المروءة، كريم الأخلاق، كثير التواضع، محبوباً إلى الخاصّة والعامّة، قدم بغداد واستوطنها، وكان ينفذ من الديوان المستنصري والمستعصمي رسولاً إلى الأطراف. (ص 240)

ويقول عن جلال الدين جعفر بن فخر الدين علي بن الحسين من أحفاد محمد بن زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام):
كان عنده أدب قليل، وربّما قال شعراً، وكان يتصرّف، ثم خدم كاتباً بديوان النقابة ببغداد، ثم رتّب كاتباً للانشاء بديوان بغداد أياماً يسيرة، فلم يستتمّ له أمر، ولا يهيّا له المقام ببغداد، فانحدر إلى الحلة، وترك المتصرّف وأحب التصوف، وأخذ شعر رأسه، ولبس الثياب البيض، وانقطع بداره. (ص 242)

علاقات العلويين مع الوزراء

يقول ابن الطقطقي عن دور مجد الدين محمد بن الحسن بن موسى، وهو ابن أخي السيد رضي الدين ابن طاووس، في خلاص الحلة من الدمار خلال غزو المغول
أما محمد مجد الدين، فهو ناظر الحلّة، وملكها بعد الواقعة، سيّد، كبير، متزهّد، ورع، يلبس ثياب الخشن، كانت سلامة الحلّة المزيديّة في الواقعة العظمى على يده، أنه بذل الطاعة عن أهلها، فاستحسن ذلك منه ورتّب ملكاً بها، ولم يستمر ذلك رحمه الله تعالى. 2 وأشار إلى هذا أيضاً ابن الفوطي في "مجمع الآداب في معجم الألقاب" (تحقيق محمد الكاظم، ج4، ص 508). (ص 131)

ويقول عن العلاقة بين نصير الدين الطوسي وأحمد بن موسى بن جعفر ـ وهو أخو السيد رضي الدين ابن طاووس ووالد السيد غياث الدين ابن طاووس:
وأما أبو الحسن أحمد بن موسى بن جعفر، فهو السيد الكبير الفقيه، الفاضل المصنّف، حمل كتاب الله تعالى بمكّة ذو الفضائل، سافر إلى مصر، ثم عاد إلى الحلة وسكنها وأقام بها، رقيق الحال. إلى أن ملكت هذه الدولة القاهرة، فأحضره الوزير السعيد نصير الدين محمد بن محمد الطوسي قدس الله روحه بين يدي السلطان الأعظم، واستمطر له الانعام بقرية قم، ضيعة جليلة من أعمال الحلة، فاستمرّ حاله، وأثرى بها ثروة ضخمة هو وولده، فهم صنايع نصير الدين على الحقيقة. (ص 133)

وينقل ما جرى بين نصير الدين الطوسي مع أحد العلويين من بيت الزكي من أعقاب إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، مما يدل على أخلاق نصير الدين الطوسي:
فمنهم قوم بالنيل يعرفون ببيت الزكي، منهم رجل كهل يشحذ من الناس ممقوت، صاحب الحكاية مع الوزير السعيد نصير الدين الطوسي. وخلاصته: أنه كتب إليه رقعة تلقّاه فيها بكلام غليظ وسبّ وشتم، فطلبه ولاطفه، ووصله بشيء من المال، فقال له: أيها السيد أما هذه المرة فقد نجوت، فاحذر أن تقع مع غيري، يعرف هذا الشخص بالجنّي لقب له. (ص 198)

وعند كلامه عن الإمام الإسماعيلي محمد علاء الدين من أحفاد نزار بن معد، ينقل بيتين من الشعر أنشدهما نصير الدين الطوسي في مدح الإمام المذكور:
مولى الأنام علاء الدين من سجدت
جباه أشرافهم لما رأوا شرفه
مولىً تواضعت الدنيا لعزّته
وإنما الفوز في الأخرى لمن عرفه
(ص 204)

ثم يشير ابن الطقطقي إلى حضور السيد فخّار بن معد عند فخر الدين أحمد ابن الوزير القمّي ببغداد:
حدّثني أبو طالب شمس الدين محمد بن عبد الحميد رحمه الله قال: اُصعد الفخّار إلى مدينة السلام في أيام الوزير، وحضر عند ولد الوزير القمّي، وهو فخر الدين أحمد، ومدحه بأبيات يقول من جملتها:
إنّي أمتّ بما بين الوصيّ أبي
وبين والدك المقداد في النسب
قال ذلك لأن القمّي ينتسب إلى المقداد.
ولي أواصر أخرى هنّ معرفتي
بالفقه والنحو والتاريخ والنسب
ولي خراج ثقيل لا أقوم به
إلا بعيد مشقّات تبرّح بي
كن شافعي عند مولانا أبيك أكن
لك الشفيع غداً في الحشر عند أبي
فلما سمعها ولد الوزير، قال له: أيها السيد الله شاهد عليك ان شفّعت لك إلى أبي تشفع لي غداً عند أبيك؟ قال: نعم، فدخل إلى أبيه وعرّفه الصورة، فخفّف خراجه ووصله. (ص 185-186)

ويروي أيضاً الحكاية التالية:
دخل شرف الدين محمد بن المطهّر العلوي الزيدي الرسول المراغي، المعروف بابن الصدر الهروي الأصل، على مؤيد الدين أبي طالب محمد العلقمي الوزير الأسدي الشيعي، فكان الوزير سأل عن نسب السيد، فقال له بعض الحاضرين: السيد زيدي، فقال السيد عجلاً: زيديّ النسب يا مولانا لا زيديّ المذهب. (ص 233)

معلومات عن المشاهد والمزارات الدينية

يروي ابن الطقطقي عن تاريخ ابن النجار حادث ظهور قبر علي بن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) بالجعفرية ببغداد، وذلك بقوله:
قال محب الدين بن النجار في تاريخه: مشهد الطاهر بالجعفرية، وقال: هي قرية من أعمال الخالص قريبة من بغداد، ظهر فيها قبر قديم وعليه صخرة فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ضريح الطاهر علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). وقد انقطع باقي الصخرة، فبني عليه قبة من لبن، ثمّ عمره بعد ذلك شيخ من الكتّاب يقال له: علي بن نعيم، كان يتولّى كتابة ديوان الخالص، وزوّقه وزخرفه وعلّق فيه قناديل من الصفر، وبنى حوله رحبة واسعة، وصار من المشاهد المزورة. قلت: وهو الآن مجهول مضطهد خراب، به جماعة من الفقراء، قد كاد ينقضي أثره. (ص 147-148)

كما أشار إلى ظهور مشهد لعبد الله الباهر ابن الإمام زين العابدين (عليه السلام) في بغداد، وتفصيل ذلك هو أنه:
ظهر ببغداد في سنة خمس وسبعين وستمائة بتلّ الزبيبة، وهي محلّة من محالّ مدينة السلام، قبر زعم جماعة أنه قبر عبد الله الباهر هذا، وبنوا عليه الأبنية الجليلة، ووضعوا عليه ضريحاً مفضّضاً، وعلّقوا فيه قناديل من الصفر، وزاروه وعظّموه، ونذروا له النذور، وها هو إلى اليوم من المشاهد المعتبرة، يناول حاصله النقباء، وبه الخدم والقوّام، وليس بصحيح ما زعموه، فإن عبد الله الباهر مات بالمدينة ودفن بها، والله أعلم. (ص 223)

ويرى ابن الطقطقي أن إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) توفي في بغداد، وأن «قبره بمقابر قريش عند أبيه في تربة مفردة معروفة قدس الله روحه.» (ص 162)
ثم يذكر عن ابنه موسى أبي سبحة أنه توفي أيضاً ببغداد، وأنه قبره بمقابر قريش مجاور أبيه وجدّه (عليه السلام)، ويتابع بالقول: «فحصت عن قبره، فدللت عليه وإذا موضعه في دهليز حجيرة صغيرة ملك منازل الجوهر الهندي 3 يبدو لنا أن "منازل الجوهر الهندي" هو تصحيف لاسم أمين الدين "مبارك الجوهري الهندي"، نقيب مشهد الكاظمين في منتصف القرن السابع الهجري.

فوائد أخرى

1- نسب الشيخ عبد القادر الكيلاني: يقول صاحب الأصيلي حول نسب الشيخ عبد القادر الكيلاني:
اعلم أن بيت عبد القادر الكيلاني المدفون بباب الأزج، ينتسبون إلى محمد بن داود بن موسى الثاني أبي عمر بن عبد الله بن موسى الجون، ويروى عن نصر أبي صالح قاضي القضاة شعر منه: "نحن من أولاد خير الحسن". يعني: الحسن بن علي (عليهما السلام)، وإلى هذا التاريخ، وهو شهر رمضان المبارك سنة ثمان وتسعين وستمائة لم تقم البيّنة الشرعية بصحّته، فلذلك لم يلحق. (ص 95-96)

2- سبب تسمية "طباطبا": ينقل المؤلف عن النسّابة عبد الحميد بن فخّار بن معد بن فخّار الموسوي في مشجّرة نسب بخطّه أنه كتب عن إبراهيم طباطبا ابن إسماعيل بن إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنّى:
طباطبا خيّره أبوه بين قميص وقباء، وكان يلثغ إذ ذاك، فقال: طباطبا يعني قباقبا، فعرف بذلك بين أهله، ثم صار لقباً له. ومن خطّه أيضاً أعني ابن الفخّار، قال: طباطبا بلغة القبط سيّد السادات. (ص 116)

3- مقاتل العلويين: يزوّدنا هذا المؤرخ بمقاتل بعض العلويين، منهم الحسن التقي بن حيدرة بن محمد الموسوي ـ من ذرية إبراهيم بن موسى بن جعفر (عليهما السلام) ـ وهو كما يقول ابن الطقطقي «نقيب المشهد الكاظمي في آخر أيام المعتصم». ذكر أنه قتل في واقعة المغول ببغداد. (ص 171)
ومنهم شهاب الدين يحيى بن نزار بن فاتك بن علي بن سالم ـ من ذرية جعفر بن الإمام موس الكاظم (عليه السلام) ـ حيث ذكر عنه أنه «كان سيداً حجازياً متوجهاً، سكن الحلة، ثم نسبت إليه أشياء أوجبت أن قتل بظاهر الحلّة في محرّم سنة 661 وكان كريماً شريفاً». (ص 194)

۱. قال عنه محقق الكتاب في هامش الصفحة ۱۰۸: «هو جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنّا بن حسين بن مهنّا بن داود بن قاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. أمير المدينة ومكّة.»
۲. وأشار إلى هذا أيضاً ابن الفوطي في "مجمع الآداب في معجم الألقاب" (تحقيق محمد الكاظم، ج۴، ص ۵۰۸).
۳. يبدو لنا أن "منازل الجوهر الهندي" هو تصحيف لاسم أمين الدين "مبارك الجوهري الهندي"، نقيب مشهد الكاظمين في منتصف القرن السابع الهجري.
چهارشنبه ۱۹ شهريور ۱۳۹۳ ساعت ۹:۱۳
نظرات



نمایش ایمیل به مخاطبین





نمایش نظر در سایت